قد يسمع الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة قريباً عن علاج جديد لا يركز على الأدوية أو الجراحة ولكن على إعادة تأهيل التواصل بين الظهر والدماغ، دعونا نعرف كيف يحدث ذلك؟
أظهرت أول تجربة سريرية قام بها باحثون أستراليون إمكانات هذا النهج، على الرغم من أنه يحتاج إلى مزيد من الدراسة لتأكيد فعاليته.
تصنيف آلام الظهر :
يمكن أن تحدث آلام الظهر لعدة أسباب، من ضمنها الإصابة وإجهاد العضلات واضطرابات النوم والتقدم في العمر، وبعض الحالات الطبية مثل التهاب المفاصل أو السرطان.
في 90% من الحالات، تلتئم آلام الظهر مثل “آلام أسفل الظهر الشائعة” في أقل من 4 إلى 6 أسابيع، ولكن من الممكن أن تستمر. إذا تجاوز الألم 12 أسبوعاً، حينها يصبح ألم الظهر “مزمناً”. بفضل العلاج والحفاظ على النشاط، يلتئم 9 من كل 10 من آلام أسفل الظهر الحادة الشائعة قبل 4 أو 6 أسابيع. ولكن بالنسبة لآلام أسفل الظهر المزمنة، فإن العلاج يتكون من استخدام المسكنات غير الأفيونية (يمكن التحول إلى المسكنات الأفيونية القوية على أساس كل حالة على حدة لفترة محدودة للغاية)، ولكن قبل كل شيء يجب الحفاظ على الحالة الجسدية من النشاط والعلاج الطبيعي. إذا فشل ذلك، يمكن أن يكون برنامج إعادة التأهيل والتمرين متعدد التخصصات مفيداً، بقيادة الأطباء وأخصائيي العلاج الطبيعي والمعالجين المهنيين والمعالجين النفسيين. يمكن أيضاً النظر في العلاج السلوكي أو الحقن أو غيره من العلاجات غير الدوائية.
علاقة علاج آلام الظهر بالدماغ :
في محاولة لتقديم علاج غير دوائي بديل للمرضى في هذه الحالة، والذي يستهدف الألم الذي يشعر به الظهر، يعمل الباحثون الأستراليون حالياً على علاج يركز على إعادة تأهيل الاتصال بين الظهر والدماغ. يركز هذا العلاج الجديد، الذي يُطلق عليه اسم “إعادة التأهيل الحسي”، على كيفية تواصل الظهر والدماغ، كما أوضح باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW).
تألفت دراستهم، التي مولها مجلس البحوث الصحية والطبية الوطني الأسترالي ونُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أو JAMA ، من تقسيم 276 مشاركاً إلى مجموعتين: واحدة أخذت دورة تدريبية لمدة 12 أسبوعاً لإعادة التأهيل الحسي، والأخرى تلقت دورة علاجية عادية لمدة 12 أسبوعاً.
كان الغرض من التجربة هو تحديد كيف يمكن لإعادة التأهيل الحسي أن تغير طريقة تفكير المرضى في الألم، وكيف يعالجون المعلومات الحسية في ظهورهم، وكيف يحركون ظهورهم في أثناء الأنشطة. “ما لاحظناه كان له تأثير مهم سريرياً على شدة الألم والإعاقة”، يوضح البروفيسور جيمس ماكولي الذي أجرى الدراسة.
كان الناس أكثر سعادة، وشعروا بتحسن، ونوعية حياتهم كانت أفضل. يبدو أيضاً أن هذه التأثيرات استمرت على المدى الطويل، حيث تعافى عدد المشاركين بالكامل. يظهر عدد قليل جداً من العلاجات لآلام أسفل الظهر فوائد طويلة الأمد، لكن هؤلاء المشاركين أبلغوا عن تحسن نوعية الحياة بعد عام واحد.
هذا العلاج الجديد فريد من نوعه، لأنه لا يعتمد على استخدام الأدوية، والحقن، والجراحة، ومنبهات النخاع الشوكي، واعتبار آلام الظهر المزمنة مشكلة قابلة للتعديل في الجهاز العصبي وليس مشكلة في الفقرات والعظام أو العضلات.
وبالتالي تؤكد هذه النتائج الأولية أن الجهاز العصبي للأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة يبدو أنه يتصرف بشكل مختلف عن الأشخاص الذين عانوا مؤخراً من إصابة أسفل الظهر. غالباً ما يسمع الأشخاص الذين يعانون من آلام الظهر أن ظهورهم معرضة للخطر ويحتاجون إلى الحماية.
ويضيف البروفيسور جيمس مكولي: “بمرور الوقت، يصبح الظهر أقل لياقة وتتعطل الطريقة التي يتواصل بها الدماغ وتتعزز فكرة أن الظهر ضعيف، وينتج عن هذا ألم شديد الحساسية وتواصل غير دقيق بين الظهر والدماغ”.
يهدف العلاج إلى تحقيق ثلاثة أهداف، أولها مواءمة فهم المريض مع أحدث المعارف العلمية فيما يتعلق بأسباب آلام الظهر المزمنة. والثاني هو تطبيع الطريقة التي يتواصل بها الظهر والدماغ مع بعضهما البعض، والثالث هو إعادة تدريب الجسم والدماغ تدريجياً لاستئناف الأنشطة الطبيعية.
بهذه الطريقة، يمكن للمرضى أن يروا أن دماغهم وظهرهم لا يتواصلان بشكل جيد، ويمكن بعد ذلك رؤية تحسن في هذا التواصل. نعتقد أن هذا يمنحهم الثقة لمتابعة نهج التعافي الذي يدرب الجسم والدماغ.
تركز العلاجات التقليدية على إدارة الألم في الظهر فقط، في حين تختلف إعادة التأهيل الحسي، لأنها تركز على إدارة أكثر شمولية: ما يفكر فيه الناس في ظهورهم، وكيف يتواصل الظهر والدماغ، وكيف يتحرك الظهر وغير ذلك.
ومع ذلك، يقول مؤلفو الدراسة إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث؛ لتكرار هذه النتائج واختبار العلاج في أماكن مختلفة وعلى مجموعات سكانية مختلفة. يريدون أيضاً اختبار نهجهم في حالات الألم المزمن الأخرى التي تظهر اضطرابات مماثلة داخل الجهاز العصبي.
يعتقد الفريق العلمي أن المرضى الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة سيتمكنون من الوصول إليه في غضون ستة إلى تسعة أشهر القادمة، وبتكلفة مماثلة للعلاجات الأخرى.