نحن جميعاً نحلم بأحلام اليقظة وفي كثير من الأحيان أكثر مما قد نتوقع، يتفق العلماء على أننا نقضي 30% إلى 50% من وقتنا في أحلام اليقظة.
إذن، ما هي أحلام اليقظة؟ يمكن تعريف هذه الأحلام بأنها الخيال الذي تختبره أثناء الاستيقاظ. خلال اللحظات التي نكون فيها في هذه الحالة، تنجرف عقولنا هروباً من الواقع. هذه الفواصل هي تحويلات قصيرة عن عالمنا الحالي. على عكس ما تعلمناه، فإنها حول الأشياء اللطيفة بعيدة كل البعد عن أن تكون عديمة الفائدة، بل هي من أهم الآليات الدفاعية التي يستخدمها عقلنا.
1-أحلام اليقظة تقلل التوتر والقلق
من خلال ضبط العالم “الخارجي” الصاخب، فإنكِ تسمحين لأفكارك بالتدفق بحرية. هذا يعزز الاسترخاء والاستكشاف العقلي. عندما تتدفق أفكارنا هكذا، فنحن في ما يسمى بحالة موجة ألفا. عندما نكون في منطقة ألفا، نكون هادئين، ولا نفكر في أي شيء بقوة قسرية.
فواصل أحلام اليقظة ليست مجرد متعة؛ إنها ضرورية لنا. لا يمكن لأدمغتنا الحفاظ على التركيز والإنتاجية دون توقف. تتطلب صحة الدماغ الجيدة بعض فترات الاسترخاء المنتظمة.
بعد يوم طويل في العمل، دعي عقلك يطفو بعيداً إلى شيء غير ذي صلة، وممتع تماماً. قد يساعدك هذا على نسيان الظروف المقلقة والابتعاد عنها.
إن امتلاك أداة مثل الأحلام تحت تصرفنا مفيد، خاصة عندما نتعامل مع التهديدات المحيطة والبيئات المزدحمة بشكل مفرط. إنها أداة أخرى في مجموعة أدوات صحتك العقلية للتهرب من التوتر والقلق. إذا شعرتِ بقلق متزايد، فقد تلجئين إليها والخطوات التالية:
الخطوة الأولى هي النظر بعيداً عن مكتبك أو عملك أو أي مشتتات.
بعد ذلك، تنفسي بعمق. ثم تنفسي ببطء وكرري العملية. أخيراً، فكري في شيء لطيف له معنى بالنسبة لك.
قد تتخيلين نفسك في مكانك المفضل؛ حيث تحبين التنزه. أو قد تفكرين في تلك السيارة الجديدة التي ترغبين في شرائها. ما هو لونها؟ ما الميزات التي ستحتوي عليها؟ هل يمكنك أن تتخيلي نفسك تشعرين بالرضا في مقعد السائق؟
وفقاً لمدونة الصحة في كلية الطب بجامعة هارفارد، “يمكن أن يساعد تجوال العقل في إدارة القلق”. مثل التأمل أو الأنشطة المريحة، تكون الأحلام علاجاً طبيعياً لتخفيف التوتر والقلق.
2-أحلام اليقظة تساعدك على حل المشكلات
أحلام اليقظة ليست مجرد هروب صغير. إن السماح لأفكارك الضالة بالتجول سينشطك. ستتمكنين من العودة إلى المشكلة أكثر انتعاشاً. يمكن لمعظمنا الاستفادة من معالجة مشاكلنا بمنظور جديد.
إلى جانب وجود منظور جديد، يبدو أن أحلام اليقظة تعمل بشكل أفضل من محاولة فرض حل. في إحدى الدراسات التي تتبعت أنماطاً مختلفة من الفكر الداخلي، خلص الباحثون إلى أن التجوال الذهني مهم وجيد بالنسبة لنا.
بينما قد يبدو الأمر غير عادي على السطح، فإن ترك أفكارنا تنجرف يمكن أن يساعدنا بالفعل في حل المشكلات عندما لا ينجح التركيز عليها.
بعبارة أخرى، يمكن أن تقودك إلى نوع من الطريق السحري لحل المشاكل. قد تساعدك هذه الأفكار في الوصول إلى هدفك. لذا، إذا كنتِ في حيرة من أمرك، فبدلاً من محاولة حلها بجدية أكبر، جربي العكس.
3- أحلام اليقظة تستخدم أجزاءً متنوعة من دماغك
إذا لاحظت من قبل، فإن عقول الأطفال تتجول باستمرار. ليس سراً أن الشباب يحلمون كثيراً بأحلام اليقظة. ومع ذلك، فإن وجود “رأسك في الغيوم”، كما يصف بعض الناس هذه الأحلام ، يتضح أنه أكثر من مجرد هواية بسيطة أو تحويلية.
ما يحدث في دماغك أثناء أحلام اليقظة متطور جداً. بينما يتجول في عقلك، فأنت تستخدمين جوانب متنوعة من عقلك. تعمل كشبكة لحل المشكلات التنفيذية، وكذلك شبكة الإبداع في عقلك في وقت واحد.
بينما نقوم بتنشيط مناطق الدماغ المختلفة هذه، نصل إلى المعلومات التي ربما كانت في السابق بعيدة المنال أو مختبئة. لذلك، فإن الملل أو الكسل يخدم غرضاً عظيماً. إنه يلهمنا للأحلام ، التي تقيم روابط مهمة عبر دماغنا.
4-أحلام اليقظة تساعدك في الوصول إلى الأهداف
كيف يمكن للأفكار المتعرجة أن تساعدك في الوصول إلى أهدافك؟ هذه الأفكار الضالة غير موجهة بالفعل، لكن بحثاً جديداً يكشف أنها غالباً ما تكون مدفوعة بأهدافنا.
يستخدم الرياضيون وفنانو الأداء أحياناً الأحلام الهادفة للتدرّب قبل اللعبة أو الأداء. هذه الطريقة تسبق أسلاك أدمغتهم للنجاح. إنه مثل التدرّب العقلي وليس الجسدي على النتيجة التي يريدها. كان هذا النوع من أحلام اليقظة المتخيلة أو المنظمة شائعاً في مجال علم النفس الرياضي.
في حين أن الأحلام القائمة على الخيال، مثل التحول إلى بطلة خارقة قد ينتهي بك الأمر إلى خيبة الأمل أو إحباطك، لأنه بعيد المنال، فإن أحلام اليقظة المنظمة يمكن أن تحفزك لأنها واقعية.
إن التخيل أو الأحلام حول أحد أهدافك الواقعية أمر ممتع. إنه يدعوك إلى التفكير في الخطوات التي ستتخذينها، وطرق البقاء متحمسة، وكيفية التغلب على العقبات..
5-أحلام اليقظة توسِّع إبداعك
أثبتت الأبحاث أن أحلام اليقظة مرتبطة بمستويات أعلى من الإبداع.
أثبتت إحدى الدراسات التي كانت لدى طلاب الجامعات الذين كانوا يحلمون باليقظة بدلاً من الاستمرار في التركيز على المشكلة، أنهم قاموا بعمل أفضل في توليد مزيد من الأفكار الإبداعية. ليس بهامش ضئيل بل كانوا 41% أكثر إنتاجية وإبداعاً.
عندما لا يضطر عقلك إلى الركوب على مسار ضيق، فإنه يعيد تنظيم جميع حكايات المعلومات، ويشكل اتصالات جديدة وغير متوقعة. إن تشتيت الانتباه والسماح لعقلك بالتجول أمر إيجابي للغاية.
وصفت رودريغيز أحلام اليقظة جيداً عندما قالت إنها “تمرين لعقلك”. وأوضحت أكثر قائلة: “نادراً ما نتعلم السماح لعقولنا بالتجول. إنه مثل الاعتناء بشجرة واحدة فقط في غابة عملاقة. تسمح أحلام اليقظة لعقلك بالتصغير ورؤية الغابة بأكملها، مما يخلق منظوراً مختلفاً ويدعو إلى الإبداع”.
حصلت أحلام اليقظة على سمعة سيئة لفترة طويلة جداً. ومع ذلك، فإنها تمنحنا نحن البشر العديد من الفوائد. نأمل أن نكون منفتحين على تبني عملية أحلام اليقظة والسماح لأفكارنا بالتجول بحرية. إذا كنتِ محبطة بسبب موقف أو مشكلة أو تريدين ببساطة توسيع خيالك أو إبداعك، فحاولي أن تسبحي في أحلام اليقظة وشاهدي المسارات العقلية التي قد تفتحها لك.