ذات يوم دخلت الأخت الغرفة فوجدت أختها الصغيرة تنظر إلى ما بين ساقيها ومستغرقة في النظر والاكتشاف؛ لدرجة أنها لم تلاحظ قدوم أختها، شعرت الأخت بالخجل وهرولت إلى أمها تستدعيها فوراً لترى بنفسها الخطأ الفادح الذي تفعله أختها الصغيرة، أتت الأم وما زالت الصغيرة مستغرقة في النظر، ظلتا تراقبانها بصمت ولم تنتبه الصغيرة، فقررت الأم أن تنبهها ونادت عليها فانتبهت الصغيرة، سألتها الأم ماذا تصنعين؟ خجلت الصغيرة ولم تعرف بما تجيب!
فقالت الأم هل تنظفين نفسك وتبحثين عن الأشياء الصغيرة غير النظيفة هناك؟ هنا تنهَّدت الصغيرة واستراحت من عناء البحث عن الإجابة وتحررت من الإحراج الواقع عليها أمام أختها الكبرى التي كانت تضحك بخجل وتداركت الأم الموقف بصرف نظر طفلتها عن شيء قد يتسبب في سلوكها مساراً آخر، بل استطاعت توجيه انتباه الطفلة لأمر صحي وهو النظافة الشخصية.
يميل الأطفال بشكل طبيعي إلى اكتشاف أجسادهم وأجساد الآخرين من حولهم من خلال النظر واللمس وهذا سلوك سليم، حيث تنبع الميول الجنسية من الحاجة الطبيعية، ولكن محاولة إشباعها بطرق غير سوية وخاصة عند الأطفال تعد من أشكال الانحراف الأكثر خطأً.
وفي بعض الأحيان قد تأخذ هذه الميول بحد ذاتها أشكالاً منحرفة مثل الاعتداء على سبيل المثال، لكن هناك سلوكيات جنسية قد تثير القلق، وقد تكون ردود الفعل من قبل الوالدين تجاه هذه السلوكيات الجنسية مبالغاً فيها، وغالباً ما تعود تلك المبالغة إلى قلق الأهالي أو شعورهم بالحرج أمام الآخرين، كما يخشى الأهل على أطفالهم من الانفتاح الزائد والتطور الذي طال وسائل الإعلام والتليفزيون والسينما، خاصة لما أصبح فيه من عدم الحياء، والمبالغة في الألفاظ والحركات والملابس.
لذلك فإنه من الضروري لكل أب وأم ومربٍّ أن يعرف ما هي الانحرافات الجنسية، وما أسبابها، ومتى بداية ظهورها وكيف نكشف عنها، وأعراضها والآثار الناتجة عنها؟ وما هي السلوكيات الجنسية الطبيعية وغير الطبيعية لدى الأطفال والفرق بينهما، وكيف أحمى ابني من الانحرافات الجنسية، ما علاجه، وطرق الوقاية منه؟
الانحرافات الجنسية وأسبابها
الانحراف الجنسي هو سلوك جنسي يستهجنه المجتمع أو يعاقب عليه وهو اضطراب نسبي يختلف من مجتمع لآخر.
وتعتبر أسباب الانحرافات الجنسية متشابكة ومتعددة، فلم يتمكن العلماء حتى الآن من تحديد سبب عضوي ذي علاقة بهذه الانحرافات، إلا أنهم من خلال دراسات البيئة والتعلم الشرطي للعادات السيئة تمكنوا نوعاً ما من تحديد بعض هذه الأسباب: عضوية، ونفسية، وبيولوجية وراثية، وبيئية والتربية، وغيرها من العوامل الخاطئة (سنتناولها بالتفصيل لاحقاً).
بداية ظهور الانحراف الجنسي لدى الأبناء
يرى بعض العلماء أن الانحرافات الجنسية يبدأ ظهورها في مراحل الطفولة المبكرة، ولكن بعض الأبحاث ترجع بداية ظهورها إلى مرحلة المراهقة، ولكنهم وجدوا أن العديد من الحالات ترجع إلى ميل وراثي. ومن حيث معدل الكشف عنه فقد ازداد في السنوات الأخيرة تزامناً مع تطور الإنترنت الذي يتيح الوصول إلى خدمات جنسية منحرفة، إضافة إلى زيادة الوعي بهذه الظاهرة.
أعراض الانحراف الجنسي والآثار الناتجة عنه
توجد العديد من الأعراض والمؤشرات الدالة على وجود الانحرافات الجنسية لدى الأبناء ونذكر أهمها وهو: الخوف والقلق المستمر من العقاب، الهوس بالمحفز الجنسي، الاكتئاب. إضافة إلى وجود عوامل مؤثرة على خطر الإصابة به مثل: الهلع، تقلبات المزاج، الوسواس القهري، تعاطي المخدرات، قدرة متدنية للسيطرة على الانفعالات، اضطرابات الشخصية.
وهذا كله قد يؤدي في النهاية إلى الخرف، إصابة الفص الصدغي في الدماغ، الإحساس بالدونية، قلة الثقة بالنفس، فقدان التركيز، الاكتئاب، الإصابة بالفيروسات.
السلوكيات الجنسية الطبيعية لدى الأطفال
يُظهِر معظم الأطفال سلوكاً جنسيّاً في مرحلة ما من عمرهم، فيكون لديهم فضول جنسي يعبّرون عنه باللعب الجنسي أو الاكتشاف الجنسي، فهذا اللعب هو الذي يصف فضولهم في مرحلة ما قبل البلوغ، فيسأل كثيراً مثلاً عن المولود من أين جاء، ثم ينتقل إلى مرحلة الألعاب التي يحدث فيها استكشاف للجسد كلعبة الطبيب والمريض، فيمارس دور الطبيب ليكشف على ولد صغير في مثل عمره بدافع الفضول، ويمكن أن يبدأ بلمس أعضائه التناسلية ويشعر بالمتعة، أو يتفحص ذاته ليكتشف بعض المناطق الحساسة من جسده وطريقة تكوينها وحين يلامسها يشعر بمتعة غريبة تثير فضوله أكثر لاستكشاف هذا الأمر وكيف يحدث.
كل هذه السلوكيات حتى الآن أمر طبيعي، لكن إذا تزامنت معها مشاهدة الطفل للتلفاز ورؤية مشاهد يرى فيها استمتاع الآخرين ببعضهم بشكل ما أو رأى في الواقع مشاهد مشابهة، فإنه يقوم بمحاكاة هذا الأمر ونشاهد اللعبة الشهيرة على مر الأجيال وهي “العروسة والعريس” وما يحدث فيها من أمور طفولية محاكاة للكبار بشكل بريء لكنها قد تكون بداية الانحرافات الجنسية، فهنا يقوم دماغ الطفل بعمل ربط بين الشعور بالاستمتاع وبين تلك السلوكيات، ويود محاكاة ما شاهده ليصل لنفس النتيجة وهي الشعور بالمتعة، فكما نعلم أن الطفل تتشكل معظم سلوكياته من خلال التعلم بالمحاكاة والتقليد.
وحتى الآن كل ذلك طبيعي لكنه يدق ناقوس الخطر وإشارة حمراء للأهل أن انتبهوا وتدخلوا في وقت مبكر الآن قبل فوات الأوان، فيأتي دور الأهل هنا بالتوجيه الصحيح والعلاج القويم للأمر وبذكاء شديد دون إشعاره بالحرج أو بأن ما يشعر به ويثير فضوله أمر غير لائق وبالتالي نكوّن لديه سلوكاً سلبياً مضاداً وهو إنكار ورفض مشاعره الغريزية الطبيعية.
وإنما يجب لفت نظر الطفل لشيء آخر أولاً حتى يستريح للحديث مع الأهل ثم القيام بتوعيته بهدوء وحرص شديد، ويفضل أن يكون هناك شخص واحد فقط يقوم بالحديث وليس كل أفراد الأسرة في آن واحد حتى لا يكون هناك تناقض بالقول والتوجيه.
كما يجب توعية الطفل لهذه الأجزاء المهمة من الجسد ووظائفها وفيما نستخدمها ومتى يجب أن نشعر بالمتعة بها وما يجب أن نشغل أنفسنا به في كل مرحلة من العمر حتى نصل لتلك المرحلة المرجوة ونؤدي واجبات كل مرحلة كما يجب وفى أمان دون أي انحرافات.
ويجب على الأهل الحذر من التدخل الخاطئ، لأنهم بذلك قد يكونون هم السبب في الانحرافات الجنسية لطفلهم، فاستخدام أسلوب الزجر والعقاب قد لا يتناسب مع طفلك، والترهيب قد يجعله يخشاك أنت ولكنه يصر على تجربة هذه المتعة دون علمك، وهو لا يفهم سبباً منطقياً لرفضك وزجرك له عن القيام بتلك الأمور، فلا تجعل الشعور بالحرج يدفعك لتصرفات خاطئة تكلفك وطفلك الكثير فيما بعد وتكون سبب انحرافاته الجنسية دون قصد وعلم منك فانتبه.
النمو الجنسي في سلوكيات الطفل بحسب المرحلة العمرية
الأطفال في سن مبكرة جداً (أقل من 4 سنوات) لا يعرفون ما هو الخجل، وهم مدفوعون بالرغبة في الاستكشاف، وتشمل السلوكيات الجنسية التي يمارسها هؤلاء الأطفال لمس أعضائهم الحساسة في الأماكن العامة أو الخاصة، أو إظهارها للآخرين، أو محاولة لمس ثدي الأم، أو التعري، أو محاولة رؤية أشخاص عراة في أثناء تبديل ملابسهم أو في دورات المياه مثلاً.
وفي مرحلة من 4 إلى 6 سنوات، يتعمَّد الأطفال لمس الأماكن الحساسة في أجسامهم، وغالباً ما يمارسون ذلك بوجود أشخاص آخرين، ويبدأون بمحاكاة سلوكيات جنسية يمارسها الكبار كالتقبيل، واستخدام كلمات بذيئة دون فهم معناها، في سعيهم للحديث حول الأعضاء التناسلية، كما تعكس ألعاب الاستكشاف إحدى تلك الوسائل الطفولية للتعبير عن الميول الجنسية لديهم.
وفي مرحلة من 7 إلى 12 سنة، يصبح الأطفال أكثر وعياً بالقوانين الاجتماعية للسلوك والحديث الجنسي، فيكون لمسهم لأعضائهم التناسلية متعمَّداً لكنهم يمارسونه في مكان خاص، ويشاركون في ألعاب تحتوي سلوكيات جنسية كتكوين عائلة “عروسة وعريس”، ويحاولون مشاهدة صور لأشخاص عراة بشكل جزئي أو كلي، والاستماع للمحتوى الجنسي المقدم في وسائل الإعلام، ويستمتعون بقول كلمات بذيئة ليحصلوا على تفاعل ممن حولهم، والاتجاه تدريجياً لتبني أحد أشكال الانحرافات الجنسية، لكنهم في الوقت نفسه يظهرون رغبة في الحصول على مزيد من الخصوصية، ويتشكل لديهم شعور الحياء، فمثلاً يرفضون أن يراهم أحد من دون ملابس.
الألعاب الجنسية الطبيعية التي يمارسها الأطفال للاستكشاف
تحدث بين أطفال يلتقون بشكل متكرر ويعرفون بعضهم، وبين أطفال من العمر نفسه، ولهم البنية الجسدية نفسها، وتحدث بتلقائية ودون تخطيط سابق لها، وهي غير متكررة، كما أنها تحدث بين الأطفال بشكل طوعي، أي أن الأطفال المشاركين في هذه الألعاب يوافقون على السلوك الذي يظهره أقرانهم، ولا يبدون أي انزعاج من ذلك، ويسهل تقويم هذه الألعاب عبر تدخل الأهل لتوجيه سلوكيات أطفالهم.
السلوكيات الجنسية غير السويّة لدى الأبناء
هي عبارة عن سلوكيات غير مناسبة لعمر الطفل. فما يعد سلوكاً عادياً من طفل في الرابعة، مثل لمس الثدي عند النساء، يعتبر غير عادي إن صدر من طفل في العاشرة، والعكس صحيح، فمن المقلق أن يكون لدى الطفل في الرابعة دراية بمعلومات وكلمات جنسية لا تناسب سنه، وقد تكون سلوكيات مناسبة للفئة العمرية للطفل ولكنها كثيرة الحدوث وتتكرر يومياً فيصبح الطفل منشغلاً بالمفردات الجنسية.
ويكرر محاولاته لمشاهدة الأماكن الحساسة في أجساد الآخرين، ولمسها، أو إظهاره المتكرر لأعضائه التناسلية، أو الخوض المتكرر في نقاشات جنسية مع الأقران، مما يعوق الطفل عن الانهماك في أنشطة أخرى، أو يسبب ضغطاً نفسياً له بحيث يغضب الطفل أو يتوتر عندما لا يكون قادراً على ممارستها أو عند محاولة تشتيته، أو عندما تصبح تلك السلوكيات مزعجة للآخرين.
وهناك سلوكيات يقوم بها بعض الأبناء فيها تهديد أو إكراه أو عدوانية، تحد من الانحرافات الجنسية، كمحاولة إشراك الأطفال الآخرين بالقوة، أو إطلاق تهديدات جنسية صريحة لأطفال أصغر سناً أو أضعف بنية جسدية، أو إجبارهم على أي نشاط جنسي، إضافة إلى سلوكيات جنسية يشارك فيها أطفال تفصل بينهم 4 سنوات أو أكثر، أو سلوكيات جنسية شاذة، كمحاكاة العملية الجنسية أو تطبيقها مع الدمى أو الحيوانات الأليفة أو حتى الأطفال الآخرين، أو ممارسة العادة السرية، أو محاولة إدخال أدوات في المهبل أو الشرج.
أسباب الانحرافات الجنسية لدى الأبناء
الانحراف الجنسي هو أحد أهم السلوكيات البشرية التي تتأثر بمرحلة الطفولة بالعديد من العوامل الرئيسية.
فيُعد المثل الأعلى والألعاب والأشخاص المحيطون بالطفل من أهم العوامل الاجتماعية التي تؤثر على طبيعة الطفل الجنسية فيما بعد، وتتنوع العوامل التي تسهم في انحراف السلوك الجنسي لدى الطفل عن مساره الطبيعي، إذ يتأثر نمو الطفل جنسياً بما يحيط به من ظروف وما يحدث حوله من سلوكيات جنسية يمارسها أفراد عائلته وأصدقاؤه، وأهم هذه العوامل:
البيئة: البيئة المحيطة بالأطفال تلعب دوراً مهماً في تشكيل طبائعهم الجنسية، فالطفل الذكر الذى يتربى وسط جماعة من الإناث أو من تلعب والدته دور البطولة في حياته، ومع اختفاء القدوة من الرجال، وتهميش دور الأب أو اتسامه بالعنف والصلف في التعامل مع الطفل، أو عدم مخالطة الطفل للرجال، كلها عوامل تؤثر عليه بشكل مباشر، وتصبح ميول الطفل المفضلة متجهة إلى الأنوثة.
انتقاء الألعاب: انتقاء الألعاب التي نقدمها للطفل تؤثر على ميوله الجنسية وغالباً ما تحدث تلك المشكلة عندما نفرض على الطفل الولد اللعب بألعاب شقيقاته الأكبر سناً مثلاً، لذا يجب التنبه لتلك النقطة وتقديم الألعاب التي تتناسب مع ميول الذكور، لأن هذه من أكثر الأخطاء انتشاراً رغم كونها سبباً لا يستهان به لنوع خطير من الانحرافات الجنسية مثل المثلية الجنسية.
تعرض الطفل للاغتصاب: للأسف فإن تعرض الأطفال الذكور أو الإناث للاغتصاب عموماً، أو من قبَل أشخاص من نفس الجنس، يعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تحولهم للانحراف الجنسي فيما بعد، خاصة إذا تم هذا الأمر على مرات متكررة ولفترات زمنية طويلة.
في بداية هذه الحوادث يصاب الطفل بالصدمة والهلع، ثم يبدأ في اعتياد الأمر فيما بعد، ومع مرور الوقت تبدأ سلوكياته الجنسية تميل إلى الشذوذ الذي يتعرض له، حيث تتشكل طبيعته الجنسية تبعاً لأول تجربة جنسية، خاصةً إذا استمرت لفترة طويلة، ومع الوقت ووصوله لسن البلوغ يفقد قدرته على التمتع بأي شكل آخر من العلاقات الجنسية الطبيعية.
وعلى الرغم من أن الانحرافات الجنسية تعد أكثر شيوعاً بين الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي، فإنه ليس كل الأطفال الذين يظهرون سلوكيات جنسية شاذة قد تعرضوا للاعتداء الجنسي، وليس كل الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي يأتون بسلوكيات جنسية شاذة.
انعدام التوعية الجنسية: إن التثقيف الجنسي للأطفال لا يقصد به الإباحية، بل تهذيب سلوكياتهم، وهذا يؤدي إلى تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الأطفال واتسامه بمزيد من المسؤولية.
التعرض للمواد الجنسية في وسائل الإعلام: ففي غياب التربية الجنسية في المنزل والمدرسة، وضعف رقابة الأهل على ما يشاهده الأطفال في التلفزيون والإنترنت، أصبح الإعلام مصدراً يستمد منه المراهقون والأطفال كثيراً من المعلومات التي غالباً ما تكون مضللة وغير دقيقة، وغير مناسبة لسنهم، إذ يركز على تهييج الغرائز والشهوات، وطبيعة الإنسان تميل لذلك وتتفنن وسائل الإعلام الحديثة في بث كل ما هو مثير للغرائز من خلال الصور المتحركة، والأفلام الهابطة، والأغاني الماجنة… وغيرها من وسائل الإثارة والتهييج، فيتجه الطفل لممارسة الانحرافات الجنسية.
ومن أهم الوسائل التي تبثها الأفلام العاطفية هو دغدغة المشاعر والأحاسيس الشهوانية بما يثير الغرائز الجنسية عند الشباب والمراهقين، وتستثمر وسائل الإعلام المنحرفة شخصيات الممثلين والممثلات في الترويج لعلاقات عاطفية منحرفة، من خلال إبراز شخصيات مضخمة إعلامياً لتقديمها كقدوات للجيل الجديد، وتقديم العلاقات العاطفية كعلاقة إنسانية راقية! والرقص الخليع مثلاً كفنٍّ متقدم، والحب المحرم كتعبير عن المشاعر المرهفة وقد لاحظنا تأثير ذلك على الشباب بالفعل، فالأفلام الأجنبية مليئة بالمخالفات العقائدية والتربوية التي لا تناسب مجتمعاتنا العربية.
\
وللأسف الشديد أصبحت صناعة السينما العربية تستنسخ كل ما يحلو لها من الخارج دون رقيب، إضافة إلى أن الأفلام الجنسية والمتوفرة بكثرة في معظم وسائل التواصل والمواقع تحتوي على مشاهد مبنية على كثير من الانحرافات الجنسية الخطيرة وتوحي لمشاهدها أن هذه هي الطريقة الصحيحة لتلبية هذا الاحتياج، ولكنها في الحقيقة تعلمه طرق الانحراف الجنسي فيقع فريسة الاضطرابات النفسية والسلوكية بعد ذلك، ولا يستطيع تكوين أسرة سليمة مستقبلاً.
القسوة والإهمال: ترتبط السلوكيات الجنسية غير السويّة والانحرافات الجنسية عند الأطفال بشكل واضح بأساليب التربية التي تعتمد على الإيذاء البدني والجنسي، والبيوت التي يتعرض فيها الأطفال للإهمال، ويسودها العنف تجاه الطفل أو بين الزوجين.
فمعاملة الأولاد وخصوصاً الفتيات بالقسوة والعنف بمختلف أشكاله لا يحميهم من الوقوع في الانحرافات الجنسية كما قد يتصور بعض الآباء، بل العكس هو الصحيح، فمثل تلك المعاملة الخالية من أي رحمة وحنان تؤدي إلى وقوعهم في انحرافات جنسية خطيرة، وأفضل حماية لهم من الوقوع في أية انحرافات جنسية أو غيرها هو معاملتهم بلطف وحنان وعطف، وإشباع حاجاتهم المعنوية والعاطفية.
رد فعل الوالدين: يسعى الأطفال إلى نيل الاهتمام، وقد يستمتعون بما يبديه الوالدان من عدم ارتياح نحو سلوكياتهم الجنسية، فيكررونها لاستثارة رد الفعل المرغوب من قبل الوالدين.
الظروف المحيطة بالطفل: كميلاد إخوة جدد، أو تغير الأشخاص الذين يعتنون بالطفل، والذين قد يكونون أكثر ملاحظة لمثل تلك السلوكيات والانحرافات الجنسية، كذلك، فإن الأطفال المقيمين في منازل تغيب فيها قواعد الاحتشام وتقبل السلوكيات الجنسية ربما يظهرون سلوكيات جنسية أكثر من غيرهم.
الحرمان العاطفي: فشعور الأبناء أو الفتيات بالنقص العاطفي يدفع بهم للبحث عنه من خلال إقامة علاقات غير شرعية تشبعهم عاطفياً.
ملابس الأم الخاصة: قيام الأم بلبس ملابس عارية في وجود أطفالها بحجة أن هؤلاء الاطفال صغار ولا يعلمون شيئاً عن ذلك. بالعكس فإن الأطفال ترسخ في عقولهم ووجدانهم تلك الصورة ويقولون في أنفسهم لماذا تلبس أمي هكذا؟ أو يشعرون بالاستثارة ويودون محاكاة الأم إن كانت فتاة أو الاجترار لانحرافات سلوكية جنسية أخرى، خاصة في حالة وجود أطفال أكبر من سنتين.
حديث الزوجين أمام الأبناء: قيام الأب والأم ببعض المداعبات أو التحدث أمام أطفالهم؛ بحجة أنهم لا يفهمون ما يقولونه.
ضعف أو انعدام التربية الدينية: عدم تربية الاطفال والاهتمام بدينهم والتقصير معهم في ذلك قد يشكل دافعاً إلى اتجاه الطفل لبعض الانحرافات الجنسية.
انعدام الخصوصية الزوجية: مثل رؤية الأبناء للآباء أثناء العلاقة الحميمية أو سماع صوتهم، وفي هذه الحالة يقلد الأبناء آباءهم بدون علمهم ولا يدرون شيئاً عن ذلك.
تغيير الملابس: خلع ملابس الأطفال أمام بعضهم البعض وخاصة عند تغيير ملابسهم.
الدخول الجماعي للحمام: دخول الأطفال الحمام أمام بعضهم البعض سواء عند الاستحمام أو عند قضاء الحاجة، سواء من الجنس نفسه أو من الجنسين.
جلوس الأطفال على أرجل الأشخاص: سواء من الأقارب أو غيرهم، قد تكون عاقبته وخيمة، من التحرش إلى الاستمتاع بذلك وتشكيل أحد أشكال الانحرافات الجنسية لدى الطفل.
غياب رقابة الوالدين: ترك الأطفال بمفردهم أمام الإنترنت أو التلفاز؛ مما يؤدي بهم إلى مشاهدة المقاطع والصور الجنسية من دون أدنى رقابة أو مسؤولية من الأب أو الأم.
ترك الأبناء للعاملين والمساعدين في البيت: قد تترك الأم أبناءها مع المساعد/ة دون مراقبتهم، لكن ذلك غير مضمون أبداً مهما كان مقدار الثقة في المربي.
أصدقاء السوء: للأصدقاء دور مهم ومؤثر في الإنسان، فأصدقاء السوء يساهمون بشكل كبير في دفع أصدقائهم نحو الانحرافات الجنسية المختلفة.
وقد يكون الثراء أو الفقر سبباً لأي واحد من أنواع الانحرافات الجنسية، فالثري لديه إمكانات مادية، ويريد أن يحقق لنفسه الإشباع الجنسي، والفقير قد ينحرف للبحث عن المال، وخصوصاً الفتيات الفقيرات، اللواتي قد يقعن ضحايا للانحراف الجنسي من أجل توفير المال.
كيف أحمي ابني من الانحراف الجنسي؟
قد يتصور البعض أن الحل صعب جداً بعد سرد كل هذه الأسباب، لكنه في غاية البساطة إذا استعنا بالله أولاً وتوكلنا عليه آخذين بالأسباب وقمنا بتطبيق تلك الخطوات التالية:
الإشباع العاطفي: إسباغ العطف والحنان على الأولاد، واستخدام الألفاظ الجميلة معهم، وإشعارهم بالمحبة والمودة، والجلوس معهم لبعض الوقت يومياً، ويمكن للأم أيضاً أن تلعب دوراً هاماً في هذا المجال وتعوض انشغال الأب في أعماله.
الصحبة الصالحة: على الآباء أن يركزوا على اختيار الأصدقاء الطيبين لأولادهم، فالصاحب ساحب، وأول الأصدقاء لأبنائك هو أنت، ويفضل عدم ترك ابنك مع شخص لا يستريح معه وسؤاله وفهم سبب عدم الارتياح له.
التوجيه والنصح بلطف وحب: يجب توجيههم نحو مشاهدة القنوات الفضائية الملتزمة والهادفة، والاهتمام بالتربية الصحيحة منذ الصغر والتحدث مع الأطفال بشكل ودي ومتكرر يومياً.
المراقبة والمتابعة بذكاء: مراقبة طفلك جيداً في كل شيء يقوم به وكل شيء يتحدث عنه وكل شيء يتمسك به، والحديث معه والإنصات له وفهم ميوله ودوافعه، من دون جرح مشاعره أو خصوصيته.
كن قدوة لطفلك: فيجب على الأبوين ارتداء ملابس محتشمة أمام أبنائهم لتعليم الطفل كيف يستر عورته، وقبل أن تطلب من طفلك عدم دخوله مع إخوته الحمام، فلا تدخل أنت مع زوجتك أمامهم إليه سواء عند الاستحمام أو عند قضاء الحاجة، والانتباه إلى عدم خلع الملابس أمام أحد، وبذلك تبني لديه مفهوم الحدود الشخصية وحمايتها.
لا تلمس عورتك: تحذير الآباء للأطفال بعدم لمس أعضائهم التناسلية، وأنه يجب الحفاظ عليها بعدم لمسها وعدم جعل أي شخص يقوم بلمسها.
يجب على الوالدين غلق غرفة النوم عليهم جيداً أثناء النوم والتأكد من نوم جميع الأطفال مسبقاً قبل القيام بأي شيء آخر.
تعليم الأبناء آداب الاستئذان، وأن يكون الوالدان قدوة لهم فذلك، فيستأذنونهم أيضاً قبل الدخول لغرفهم أو للبيت أو الحمام وغيره.
كما يجب متابعة الأطفال جيداً عند خروجهم للعب أو عند مشاهدتهم للتلفاز والإنترنت دون أن تشعره بالمراقبة، وكما يجب مساعدته على اختيار الألعاب والبرامج المناسبة له.
تعليم الأبناء كيفية نظافة المناطق التناسلية.
علاج الانحرافات الجنسية عند الأطفال
قد يُلاحَظ على الطفل الذي لديه سلوك جنسي غير سويّ صعوبة في اتباع القوانين والاستماع إلى أوامر السلطة في المنزل أو المدرسة أو المجتمع، وإحداثه مشكلات مع الأصدقاء من عمره، والاندفاع وعدم التأني قبل اتخاذ القرارات، وعدم امتلاكه القدرة على تهدئة النفس، لذا يجب أن يتناول العلاج جميع جوانب سلوك الطفل، ونؤكد أن مشاركة الوالدين والمتخصصين أمر ضروري لتعزيز فوائد العلاج، أما إذا كانت المشكلة صعبة، فيجب اللجوء إلى اختصاصي نفسي موثوق للحصول على العلاج المناسب.
وتتمثل الخطوة الأولى في العلاج بتقييم سلوك الطفل بمساعدة الوالدين والأشخاص المقربين منه لتحديد المسار المناسب للعلاج. أما الخطوة الثانية فهي العمل على تعديل سلوك الطفل الجنسي، ويتم ذلك عن طريق تعليم السلوك المناسب، فلن يكون الطفل قادراً على معرفة الحدود الجنسية المسموحة والممنوعة إن لم يتعلمها بشكل صحيح.
لذا على الأهل أولاً تعليمه السلوكيات الصحيحة وغير الملائمة بشكل واضح في سن مبكرة، والحرص على تعليم الطفل أعضاء جسمه ومفهوم اللمس الآمن للجسد والمناطق الخاصة، وكيفية التصدي للغرباء إذا ما لُمس بطريقة غير مريحة.
وثانياً كذلك تعليمه رفض السلوكيات الجنسية غير اللائقة -التي تؤدي بدورها إلى الانحرافات الجنسية- كخلع البنطال أمام الآخرين، فمن المهم تعليمه بطريقة مقبولة أن ذلك التصرف غير صحيح، ويجب تعليمه الفرق بين السلوك الخاص والعام، مع تجنب استخدام الكلمات التي قد تتسبب في شعوره بالخجل خاصة أمام الآخرين.
وثالثاً تحديد الأسباب وراء الانحرافات الجنسية أو أي سلوك جنسي خاطئ، لإيجاد العلاج المناسب، فيجب تحديد السبب الأساسي للمشكلة والعمل على تجاوزه.
طرق الوقاية من الانحرافات الجنسية
لكل نوع من الانحرافات الجنسية طريقة خاصة وأسلوب في الوقاية منه يكمن في إشباع الدافع الذي يمكن أن يؤدي لهذا النوع من الانحراف أو ذاك، فإبعاد الطفل عن السلوك الانحرافي يتحقق من عدة نواحٍ تبدأ من التربية وعلاج المشاكل والاهتمام أكثر بشؤون الطفل ورغباته والانتباه لتصرفاته وأفكاره وما يمكن أن يعرض عليه من نماذج اجتماعية تعتبر مرفوضة ومنحرفة.
إضافة إلى التعرض للنماذج الجيدة؛ فكثيراً ما يقلد الأطفال ويقتدون بالنماذج الاجتماعية التي يتعرفون عليها ويتعرضون لها، ولذلك يجب باستمرار تعريض الطفل للنماذج السلوكية المطلوبة وتشجيعه على تقليدها، مثل تعليم العناية بالنظافة أو الواجبات المدرسية أو الأخلاق الحميدة وتنمية مهارات التفكير لديه.
كما يجب تعليم الطفل الثقة بالنفس، والتخفيف قدر الإمكان من مواقف الإحباط التي يمكن أن يتعرض لها بشكل طبيعي في الحياة، لأن الطفل غير الواثق من نفسه معرض في كثير من الحالات لسلوك الانحراف.
إضافة إلى تحسين البيئة الاجتماعية والسكنية للفرد وتذليل العقبات أمام الطفل؛ مثل صعوبات الدراسة التي تؤدي لكره المدرسة أو الحرمان الذي قد يؤدي للسرقة، أو الأسئلة التي لا تجد إجابة فتدفع الطفل للبحث عن إجابات في أماكن غير ملائمة، وتعليم الطفل الطريقة الصحيحة لإشباع بعض رغباته: أو ترويضها والسيطرة عليها مثل التخفيف من الطاقة الزائدة الناتجة عن الرغبات الجنسية من خلال الرياضة أو تعليم موهبة معينة.
وختاماً.. يجب توجيه وسائل الإعلام إلى الوجهة السليمة بحيث تخدم المجتمع وتنمي الروح الدينية لدى الأفراد ومحاولة الحد من المثيرات للغرائز، التي تسبب تفشي الانحرافات الجنسية في المجتمع، سواء في وسائل الإعلام أو في الشوارع أو الأماكن العامة.