ماذا لو كان علاجك النفسي يبدأ من المطبخ؟ ماذا لو أن العلاج لا يحتاج إلى كرسي الطبيب النفسي، بل يحتاج إلى طاولة المطبخ؟
الطبخ مفيد أيضاً للصحة العقلية:
يمكن أن يكون تقطيع الخضار إلى قطع صغيرة جداً مصدراً للاتزان؛ ومشاهدة ارتفاع الكعكة في الفرن هي لحظة استرخاء شديدة. حتى الشيف بيير جانيير ذو الثلاث نجوم صرح في كثير من الأحيان بأن الطهي كان علاجاً له.
حضّر رفاهيتك الداخلية:
“الطبخ هو علاجي اليومي، إنه أكثر فعالية بالنسبة لي من جلسة اليوجا”. يقول الشيف بيير جانيير: ”أقوم بهذا العمل منذ فترة طويلة، ذلك الانتظار للحصول على النتائج والتعليقات على إبداعك الفني في المطبخ هو فعلاً دافع يومي لتقديم الأفضل. بعد أربعين دقيقة من الطهي، تنتظر إذا ما قدمته سيعجبهم أم لا، إذا كان جيداً أو إذا فاته شيء ما. خلال كل ذلك لاحظ كل من يقوم بالطهي التأثير النفسي النافع للطبخ على نار هادئة لنفسه وللآخرين. لا عجب أن يتطور علاج الطبخ بهذه السرعة”.
علاوة على ذلك، تقول إيمانويل توركيه، ممارسة لعلاج المطبخ ومدربة في العلاقات المساعدة، وقد حققت نجاحاً كبيراً في ورش العمل الخاصة بها منذ عام 2015: “أنا أخلق بيئة مطمئنة وأقدم ارتجال الطهي على حسب عاطفة المتدربين. ترتبط قوة العلاج بالطبخ بحقيقة أنه يُطلب من كل شخص الطهي بدون وصفة، وهذا هو الشيء الأساسي. طريقة لتجاوز العقل. نسقط نظرية الالتزام بالنتيجة، دون أن نشك في ما يمكن أن يحدث. وكثيراً ما نترك أنفسنا نتفاجأ بما سنحصل عليه. هذا هو مبدأ العلاج بالطبخ. إنه مفيد للغاية لأنه بدلاً من الجلوس على الأريكة، واستخدام التداعي الحر، نمر عبر الجسد مع وجود الحواس الخمس، من خلال العاطفة وأيضاً لفظياً؛ حيث يمكن ممارسة التداعي الحر والحوار أثناء الطبخ”.
تأمل خلال الطهي:
الطبخ هو لغة حب وعطاء، حيث يعطي من يقدم الطعام ذلك الإيثار براحته من أجل أن يطعم من حوله، وهو يحسن الرفاهية والصحة، ويقلل من التوتر، ويجعل الناس سعداء. الاهتمام بالآخر الذي يمنحك متعة، وإعداد وجبة ما هو فترة للتأمل. تلك التفاصيل الصغيرة التي تحدث أثناء الطبخ يمكن استعمالها فعلاً من أجل تحسين المزاج، كل ما نحتاجه هو أن نبطئ من دورة الطبخ، نستمع إلى ما يحدث داخلنا وحولنا. فرقعة الزبدة التي تذوب في المقلاة، الحليب الذي يغلي، ضجيج الخلاط، كل ذلك سيجعل الأفكار السلبية تتضاءل والتوتر يقل قليلاً. تقول أنابيل أورفيلين، مؤلفة كتاب الطبخ العلاج الغذائي “إن لحظة الطبخ هي فترة تأمل ثمينة للغاية، خاصة في عالم نعرض فيه أنفسنا دائماً للكثير من الضغط. أنا أقدم الطبخ كهدية حقيقية لعائلتي، خاصة عندما أحضر الأطباق التي يحبونها. لقد لاحظت أنه عندما تشعر بالرضا حول طاولة، فإن تأثير الألوان على الدماغ يفتح دون وعي عالماً كاملاً من الأحاسيس التي تجعل الجسم يرتاح”.
تناول الآيس كريم لتحفيز الذكاء:
بالطبع، نتحدث كثيراً عن العلاج الكيميائي عندما نريد تقديم المساعدة للأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر، لكن هناك علاج آخر، وهو سريع في إحياء الذكريات، وإنشاء روابط، استعادة المهارات الحركية والاستقلالية والعمل على الوظائف المعرفية. يعد الطبخ كأداة للمساعدة في الشفاء وهذا من اهتمامات علم الطهي العصبي، الذي يجمع بين الطهي وعلم الأعصاب. يهتم الباحثون به كثيراً، مثل Roland Salesse، المهندس الزراعي الذي ينشر كتاب Brain cook (Quae). إنه يؤكد ما عرفناه بشكل بديهي: عندما نأكل طعاماً حلواً، نفرز الإندورفين الذي ينشط نظام التحفيز ويؤدي إلى صورة من المتعة، مع الرغبة في إعادة إنتاج هذه الحالة فإننا نميل إلى الذهاب إلى هذا الطعام اللطيف لتهدئة التوتر! والأكثر إثارة للدهشة هو أننا اكتشفنا أن تناول الآيس كريم على الإفطار سيزيد من قدرة الدماغ عشرة أضعاف، وفقاً لدراسة أجراها يوشيهيكو كوجا المتخصص الياباني في علم النفس الفسيولوجي بجامعة كيورين في طوكيو. قد تبدو هذه النتيجة غريبة، ولكن يبدو أن استهلاك الأشياء المحببة في الصباح يعزز الطاقة والعواطف الإيجابية، بالإضافة إلى المساعدة النفسية.
لا يمكنني الانتظار للاستمتاع بمخروط الفستق البارد الساعة 8 صباحاً من دون الشعور بالذنب. “سوف تصبح سميناً! – لا، سأقوم بتطوير ذكائي..”