يُعتقد أن عاشوراء هو اليوم الذي تاب فيه آدم- عليه السلام- إلى الله فغفر له، ونجا موسى عليه السلام وقومه من الغرق، بينما استشهد فيه الحسين بن علي رضي الله عنه، وفي روايات أخرى عاد يوسف- عليه السلام- إلى أبيه، ورفع عيسى- عليه السلام- إلى السماء، ونجا الله- عز وجل- يونس عليه السلام من بطن الحوت، وبين كل هذه التكهنات يحتفل المسلمون بهذا اليوم.
عاشوراء هو يوم يوافق العاشر من المحرم من العام الهجري، وصيامه مستحب عند أهل السنة والجماعة، فقد روى البخاري عن ابن عباس قال: ”قدِم النبي ﷺ المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحقُّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه”.
تختلف العادات في البلدان العربية خلال هذا اليوم، دعونا نتعرف على بعضها:
عاشوراء في المغرب:
المغاربة يسمون يوم عاشوراء بيوم زمزم. وفي هذا اليوم، يقومون برش الماء على بعضهم البعض وعلى مقتنياتهم تبركاً. ويحاول التجار بيع كل بضائعهم. ويعقب عاشوراء ”ليلة الشعالة”، حيث يجتمعون حول نار وهم يرددون أهازيج، بعضها يحكي قصة مقتل الحسن والحسين، دون أن يشيروا إليهما بالاسم، بل يسمونهما في كل المقاطع باسم ”عاشور”، وتتخللها نياحة وأهازيج أخرى. وتقدم الأسر الزكاة أو عُشر أموالها التي دار عليها الحول للفقراء.
ويتم تجهيز وجبة اليوم من ”الكسكس المغربي” الذي يُستعمل به القديد وهو اللحم المجفف الذي تم تخزينه من أضحية عيد الأضحى، خصوصاً لهذا اليوم.
عاشوراء في مصر:
احتفال المصريين بـ”عاشوراء” يكون بتحضير طبقٍ مذاقه حلو، واسمه “عاشوراء”، حيث يتكون من القمح المنقوع في الماء لمدة يومين أو 3 أيام، ويكون منزوعاً منه قشره، بعد غليه يُحلَّى بالعسل أو بدبس السكر فوق النار، وقد يستبدل الأرز بالقمح، ويزيَّن عادة بالجوز والبندق والزبيب.
انتقل الاحتفال عند المصريين بكثير من المراحل، بعد أن بدأه العثمانيون الذين كانوا يحتفلون في هذا اليوم بذكرى استقرار سفينة نوح عليه السلام على جبل الجودي، ثم جاء الفاطميون الذين كانوا يعتبرونه يوماً حزيناً ويغلقون فيه الأسواق؛ حزناً على مقتل الحسين في معركة الكربلاء، وبعدهم جاء الأيوبيون وجعلوه يوماً للاحتفال نكايةً في الفاطميين وأعادوا طبق العاشوراء، فكانوا يستخدمون حبوب القمح، لأنها كانت ضمن الحبوب التي حملها نوح معه في سفينته، فاعتبروها حبوباً مقدسة. وبهذا أصبحت حلوى العاشوراء أحد أهم مميزات هذا اليوم.
عاشوراء في الجزائر:
يحتفل الجزائريون في هذا اليوم بصيام يوم تاسوعاء وهو اليوم التاسع من محرم ويوم عاشوراء، وتقوم الأمهات بتحضير أطباق تقليدية كالرشتة والشخشوخة والكسكسي والشربة، التي تشترط بعض العائلات أن تكون مطبوخة بلحم الدجاج، وبعضها يزيد على ذلك فيشترط أن يكون الدجاج من النوع العربي، بينما تزيد أسر أخرى شرطاً آخر بأن يُذبح الدجاج في البيت، وتعتقد أن ذلك فأل خير من شأنه إبعاد العين والحسد عن أهل البيت.
كما تحتفل الفتيات الصغيرات بوضع الحناء والكحل العربي؛ اعتقاداً منهن أن من قامت بذلك لن تمرض عيناها أبداً، كما يحرصن على الخضاب بالحناء؛ اعتقاداً أن الحنّاء ليلة عاشوراء فأل خير للبنات، حيث يقلن: ”نضع الحناء للبنات حتى تحنَّ قلوبهن”.
أما الرجال في هذا اليوم فيقومون بإخراج زكاة الأموال والممتلكات التي مر عليها الحول، كما تقوم بعض المناطق بذبح أضحيات وتسمى هذه العادة بـ”الوزيعة”.
عاشوراء في إيران والعراق:
يعتبر هذا اليوم يوم حزن عندهم، لأنه يوم استشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في معركة كربلاء، فيقوم البعض بعروض مسرحية خلال هذه الأيام تحاكي القصة التاريخية التي تحكي معاناة أهل البيت، وتبدأ منذ السابع من شهر محرم. ويخصص اليوم السابع للإمام العباس والثامن للإمام القاسم والتاسع لـ”عبد الله الطفل” ويقصد به مقتل عبد الله بن الحسين نجل الإمام الشهيد. وتبلغ الاحتفالات ذروتها في اليوم العاشر المعروف محلياً بالـ”طَبق”.
بعيداً عن كل العادات التي سبقت، يبقى يوم عاشوراء في ديننا يوماً صالحاً مثل يوم عرفة، وليس يوم عيد وفرح وسرور، ولا يوم حزن وبكاء، يُتقرب إلى الله بصيامه وصيام يوم قبله أو بعده فقط.