في العقود الأخيرة، تغيرت عادات الأكل في اتجاه زيادة استهلاك الأطعمة فائقة التصنيع. يشتبه بالفعل في أنها تلعب دوراً ضاراً بالصحة بسبب انخفاض جودة التغذية، فقد تكون مرتبطة بالصحة العقلية أيضاً، وهذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
الأطعمة فائقة المعالجة متوافرة بكثرة على أرفف السوبر ماركت. المشروبات الغازية الكلاسيكية والخفيفة واللحوم المعاد تشكيلها والخبز الصناعي والكعك والبسكويت وغيرها، المنتج المعالَج قد خضع لتحولات فيزيائية أو كيميائية أو بيولوجية مكثفة عن طريق العمليات الصناعية، وإذا كان يحتوي على المضافات أو المكونات (مالتوديكسترين، زيوت مهدرجة، نشا معدل، إلخ). لم يعد للأطعمة فائقة المعالجة علاقة كبيرة بالمواد الخام التي تأتي منها، وتوصي وزارات الصحة، بشدة بالحد من استهلاكها، لأن العديد من خصائصها تدفع المرء إلى اعتقاد أنه يمكن أن تكون لها آثار سلبية على الصحة كما تشير العديد من الدراسات، مع العلم أن نحو 80% من الأطعمة فائقة المعالجة مصنفة C أو D أو E على مقياس Nutri.
حث الباحثون بجامعة فلوريدا أتلانتيك عشاق الطعام على التفكير في خياراتهم بشكل أكبر، بناءً على دراستهم الجديدة التي بحثت فيما إذا كان الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الأطعمة الصحية المحولة أكثر عرضة لإظهار أعراض ضعف الصحة العقلية.
في حين أن هناك بعض الأدلة التي تربط بين استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة والاكتئاب، فإن البيانات متفرقة فيما يتعلق بأعراض الصحة العقلية السلبية الأخرى، وضمنها القلق وأيام الصحة العقلية السيئة.
يشرح الفريق العلمي الذي قاس الاكتئاب الخفيف، وأيام الصحة العقلية السيئة وأيام القلق لدى 10359 بالغاً من مسح الصحة والتغذية بالولايات المتحدة. أظهرت النتائج المنشورة في مجلة Public Health Nutrition أن الأشخاص الذين تناولوا أكثر الأطعمة المعالجة بإفراطٍ مقارنة بأولئك الذين تناولوا كميات أقل كانت لديهم أعراض أكثر لضعف الصحة العقلية.
قلة الفيتامينات والمعادن الضرورية للدماغ:
يتم الحصول على عدد أيام ضعف الصحة العقلية من الإجابة عن هذا السؤال: “خلال الأيام الثلاثين الماضية، كم يوماً كانت صحتك العقلية غير جيدة؟ بينما تم الحصول على عدد أيام القلق من الإجابة عن السؤال: خلال الأيام الثلاثين الماضية، كم يوماً شعرت بالقلق أو التوتر؟”. على الرغم من أن الدراسة أُجريت في الولايات المتحدة، فإن الباحثين يشيرون إلى أن نتائجها يمكن تعميمها على جميع الدول التي يتشابه سكانها مع مآخذ طعام فائقة المعالجة. الأطعمة فائقة المعالجة تستنفد قيمتها الغذائية وتزيد أيضاً من عدد السعرات الحرارية، حيث تميل الأطعمة فائقة المعالجة إلى أن تكون عالية في السكر المضاف والدهون المشبعة والملح، بينما تكون منخفضة في البروتين والألياف والفيتامينات والمعادن والمواد الكيميائية النباتية.
استخدم الباحثون تصنيف NOVA لمعالجة الأغذية (الذي طوره باحثون بجامعة ساو باولو) لإجراء دراستهم، وهو نظام معترف به من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. يخصص تصنيف NOVA مجموعة للمنتجات الغذائية بناء على درجة المعالجة والأطعمة غير المجهزة أو المعالجة بالحد الأدنى، ومكونات الطهي المصنعة، والأطعمة المصنعة، والمنتجات الغذائية والمشروبات فائقة المعالجة. تشمل هذه المجموعة الأخيرة، على سبيل المثال، الخبز والكعك، وألواح الشوكولاتة، والوجبات الخفيفة المالحة، والمشروبات السكرية، والدواجن وشذرات السمك، والحساء الفوري والوجبات الجاهزة. على سبيل المثال، تعتبر كومبوت الفاكهة مع السكر المضاف “معالجة”، بينما تعتبر الحلويات بنكهة الفاكهة مع إضافة السكر ولكن أيضاً عوامل التركيب والملونات “فائقة المعالجة”.
بناءً على هذه الملاحظة، خلص الفريق العلمي إلى أن “هذه الدراسة تضيف معلومات مهمة وذات صلة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة المتعلقة بالآثار الضارة للأطعمة فائقة المعالجة على أعراض الصحة العقلية”.
هناك حاجة إلى البحث الوبائي لاختبار الفرضيات العديدة التي تمت صياغتها من هذه البيانات الوصفية، حذّر Inserm من مخاطر الإصابة بالسرطان المرتبطة باستهلاك هذا النوع من الطعام. وزعمت دراسته التي نُشرت في فبراير/شباط 2018، أن زيادة بنسبة 10% في نسبة الأطعمة فائقة المعالجة بالنظام الغذائي ارتبطت بزيادة تزيد على 10% في الخطر الإجمالي للإصابة بالسرطان، وبشكل أكثر تحديداً الثدي. من بين الفرضيات التي يمكن أن تفسر هذه النتائج، تم ذكر جودتها الغذائية المنخفضة ولكنها لن تكون العامل الوحيد المساهم، مما يشير إلى وجود مركبات أخرى (مواد مضافة، مواد تتشكل أثناء عمليات التحويل، مواد ملامسة للغذاء، إلخ) يمكن أن تلعب أيضاً دوراً.
من خلال ما سبق نستخلص أنه أصبح من الضروري جداً التقليل من استهلاك المواد المصنعة والعودة إلى الطبيعة لتخفيف من التوتر و الإجهاد .