الدورة الشهرية هي رابط دقيق بين الهرمونات والمبيض والرحم، مع كل خطوة من العملية المنظمة بإحكام لضمان سير كل شيء بسلاسة. تحدث الدورة في الجسد الأنثوي بشكل منتظم، وتتضمن سلسلة من التغيرات الهرمونية والأحداث الفسيولوجية التي تؤدي في النهاية إلى انسلاخ بطانة الرحم، المعروف باسم “الحيض”، حسب خدمة الصحة الوطنية (NHS ).
عادة ما يبلغ متوسط الدورة الشهرية 28 يوماً، ولكن يمكن أن تمتد إلى ما يصل إلى 35 يوماً. وتتكون من أربع مراحل: مرحلة الحيض، ومرحلة الجريب، ومرحلة التبويض، ومرحلة الجسم الأصفر، كما تقول عيادة كليفلاند.
ممارسة الرياضة بفوائدها العديدة، إلا أنها يمكن أن يكون لها أحياناً آثار ضارة على الدورة الشهرية. في السطور التالية سوف نستكشف الطرق المختلفة التي يمكن أن تؤثر بها التمارين على دورتك الشهرية.
الدورة الشهرية غير المنتظمة
عندما تكون الدورة الشهرية لديك غير منتظمة، فهذا يعني أن دورات الحيض لديك تختلف في مدتها أو شدتها من شهر لآخر، حسب عيادة كليفلاند . من الشائع أن تعاني العديد من النساء من دورات غير منتظمة في مرحلة ما من حياتهن، لكن الأسباب يمكن أن تختلف.
تعتبر التمارين الرياضية التي تسبب انخفاض الدهون في الجسم أحد الأسباب الشائعة لعدم انتظام الدورة الشهرية. علاوة على ذلك، فإن ممارسة الرياضة بشكل متكرر بدون سعرات حرارية كافية يمكن أن تقلل من هرمون الاستروجين الجنسي وتزيد من هرمون الإجهاد الكورتيزول، والذي يمكن أن يسبب عدم انتظام الدورة الشهرية، وفقاً لـ Rupa Health.
تشمل العوامل الأخرى التي تساهم في عدم انتظام الدورة الشهرية الإجهاد، واضطرابات الغدة الدرقية، ومتلازمة تكيس المبايض (PCOS)، وغيرها من الحالات الطبية، كما تقول عيادة كليفلاند. ومع ذلك يمكن أن تختلف تأثيرات التمرينات على الدورة الشهرية اعتماداً على نوع وشدة التمرين. على سبيل المثال، قد تؤثر التمارين منخفضة إلى متوسطة الكثافة بشكل إيجابي على المستويات الهرمونية، وفقاً لـ Rupa Health. توصي كليفلاند كلينك بالراحة الكافية بعد التدريب لتعزيز التعافي.
فترات التوقف
بالإضافة إلى التأثير على انتظام الدورة الشهرية، يمكن لممارسة الرياضة أن توقف الدورة الشهرية تماماً، وهي ظاهرة تُعرف باسم “انقطاع الطمث”، وفقاً لعيادة كليفلاند. هذا شائع بشكل خاص بين الرياضيات أو النساء اللواتي يمارسن تمارين عالية الكثافة.
يصنف انقطاع الطمث عموماً إلى نوعين: انقطاع الطمث الأولي والثانوي. يشير “انقطاع الطمث الأولي” إلى غياب الحيض عند بلوغ سن 15 عاماً أو خلال السنوات الخمس الأولى من ظهور علامات البلوغ الأخرى، مثل نمو الثديين وشعر العانة. عادة ما يكون انقطاع الطمث الأولي بسبب أمراض وراثية أو مكتسبة.
من ناحية أخرى، يشير انقطاع الطمث الثانوي إلى غياب الحيض لمدة ثلاث دورات حيض متتالية على الأقل لدى النساء اللائي سبق لهن أن كان لديهن دورات شهرية منتظمة، كما تقول عيادة كليفلاند. يمكن أن يكون الإفراط في ممارسة الرياضة سبباً لانقطاع الطمث الثانوي.
أحد التفسيرات المحتملة لتسبب التمارين الرياضية في حدوث انقطاع الطمث هو أن التمارين عالية الكثافة يمكن أن تتسبب في توقف الغدة تحت المهاد في الدماغ عن إنتاج الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية، مما يؤدي إلى إنهاء الدورة الشهرية، كما يوضح معهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية (NICHD).
انخفاض أو زيادة الخصوبة
ترتبط الخصوبة ارتباطاً وثيقاً بالدورة الشهرية، ويمكن أن تؤثر التمارين الرياضية على الخصوبة بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر ممارسة الرياضة بشكل متكرر دون استهلاك العدد الصحيح من السعرات الحرارية على إنتاج هرمون الاستروجين، وهو هرمون مهم للخصوبة. يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات هرمون الاستروجين إلى الإباضة غير المنتظمة أو حتى إيقاف الإباضة تماماً، مما يقلل من الخصوبة، كما تقول أكاديمية الخصوبة وأمراض النساء.
أكدت دراسة نشرت عام 2016 في المجلة الأمريكية لطب لايف ستايل أن الإفراط في ممارسة الرياضة البدنية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالعقم بسبب انقطاع الإباضة، يحدث هذا عندما يفشل المبيضان في إطلاق بويضة (عبر عيادة كليفلاند).
على الرغم من أن التمارين القوية مرتبطة بالعقم، إلا أن التمرين المعتدل المنتظم يمكن أن يفيد في حدوث الحمل، كما ظهر في مقال نشرته جمعية الخصوبة الأسترالية. يمكن أن تساعد التمارين المعتدلة أيضاً في تنظيم الوزن، وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وتحسين الحالة المزاجية، وتقليل مستويات التوتر، وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وكل ذلك يمكن أن يساهم في صحتك العامة، كما يقول Healthline .
انخفاض أعراض الدورة الشهرية
لا تؤثر التمارين الرياضية دائماً بشكل سلبي على دورتك الشهرية. أظهرت الأبحاث أن التمارين المنتظمة يمكن أن تساعد في تقليل شدة أعراض الدورة الشهرية، مثل التشنج والانتفاخ وتقلب المزاج والإرهاق.
وجدت دراسة نشرت عام 2013 في المجلة الإيرانية لأبحاث التمريض أن التمارين الهوائية يمكن أن تساعد في تقليل أعراض الدورة الشهرية. تؤكد دراسة أخرى نشرت عام 2015 في مجلة أمراض النساء والتوليد هذا الادعاء. وفقاً لهذه الدراسة، فإن ممارسة التمارين الهوائية أثرت بشكل إيجابي على تكوين الدم والتوازن الهرموني في الأشخاص المعنيين.
كما أدت التمارين الهوائية المنتظمة أيضاً إلى زيادة مستويات الهيموجلوبين وعدد الخلايا الحمراء مع تقليل مستويات البروجسترون، مما أدى إلى تحسين الأعراض مثل التعب والارتباك وضعف التركيز وأعراض ما قبل الحيض الأخرى، وفقاً للدراسة.
قد يرجع الانخفاض في أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية أيضاً إلى حقيقة أن التمرينات يمكن أن تحفز إطلاق الإندورفين، وهي مسكنات طبيعية للألم، وفقاً لعيادة كليفلاند.
إيجاد التوازن الصحيح
في حين أن التمرين يمكن أن يؤثر إيجاباً وسلباً على الدورة الشهرية والخصوبة، فإن إيجاد التوازن الصحيح أمر مهم. كما ثبت، قد تكونين أكثر عرضة للإصابة بعدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاع الطمث إذا كنت تمارسين تمارين رياضية عالية الكثافة أو كنت تتدربين من أجل أحداث تنافسية. لهذا السبب، من الضروري الاستماع إلى جسدك وإدراك أي تغييرات في الدورة الشهرية.
إذا كنتِ تحاولين الإنجاب، فكري في تأثير التمارين والنظام الغذائي على الخصوبة. في حين أن التمارين المنتظمة والتغذية الجيدة يمكن أن يحسنا الخصوبة، فإن الإفراط في ممارسة الرياضة أو اتباع نظام غذائي شديد يمكن أن يكون له تأثير معاكس ويمكن أن يسبب ضغطاً على الجسم.
من الأفضل دائماً استشارة طبيبك قبل الانخراط في ممارسة روتينية صارمة. حتى يمكنهم المساعدة في تحديد أي مخاطر أو قيود محتملة قد تحتاجين إلى أخذها في الاعتبار، ويمكن أن توفر إرشادات بشأن السلامة وأفضل أنواع التمارين لاحتياجاتك وأهدافك المحددة.